رسم قديم للمدينة المنورةيؤمن المسلمون أنه قد ظهرت خلال مرحلة حفر الخندق معجزاتٌ حسيةٌ للرسول محمد، منها تكثير الطعام الذي أعده جابر بن عبد الله، إذ قال جابر بن عبد الله:
«إنا يوم الخندق مُحفِّر، فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي فقالوا: «هذه كدية عرضت في الخندق»، فقال: «أنا نازل»، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، فأخذ النبي المعول، فضرب في الكدية فعاد كثيبًا أهيل (رملاً سائلاً) أو أهيم (الرمل الذي لا يتمالك)، فقلت: «يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت»، فقلت لامرأتي: «رأيت بالنبي شيئًا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟»، فقالت: «عندي شعير وعناق» (العناق: الأنثى من أولاد الماعز)، فذبحت العناق، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم بالبرمة (القِدر)، ثم جئت النبي والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي (الحجارة التي تنصب ويجعل القدر عليها)، قد كادت أن تنضج، فقلت: «طُعَيمٌ لي، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان»، قال: «كم هو؟»، فذكرت له، فقال: «كثير طيب»، قال: «قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي». فقال: «قوموا»، فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: «ويحكِ جاء النبي بالمهاجرين والأنصار ومن معهم»، قالت: «هل سألك؟»، قلت: «نعم»، فقال: «ادخلوا ولا تضاغطوا»، فجعل يكثر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية، قال: «كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة».[49]»وهذه ابنة بشير بن سعد تقول: «دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: «أي بنية، اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما»، فأخذتها فانطلقت بها، فمررت برسول الله وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال: «تعالي يا بنية ما هذا معك؟»، فقلت: «يا رسول الله، هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغذيانه»، قال: «هاتيه»، فصببته في كفي رسول الله فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: «اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغذاء»، فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب».[50]
وعندما اعترضت صخرةٌ الصحابةَ وهم يحفرون، ضربها الرسولُ محمدٌ ثلاث ضربات فتفتتت، قال إثر الضربة الأولى: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة»، ثم ضربها الثانية فقال: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض»، ثم ضرب الثالثة، وقال: «الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة».[51] وقد تحققت هذه البشارة التي أخبرت عن اتساع الفتوحات الإسلامية والإخبار عنها في وقت كان المسلمون فيه محصورين في المدينة يواجهون المشاق والخوف والجوع والبرد القارس