المبحث الأول
الدعوة في طورها السري
مراحل الدعوة النبوية
تنقسم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن شرفه الله بالنبوة والرسالة إلى عهدين يمتاز أحدهما عن الآخـر تمـام الامتياز، وهما:
- العهد المكي، ثلاث عشرة سنة تقريبًا.
- العهد المدني، عشر سنوات كاملة.
ثم يشتمل كل من العهدين على عدة مراحل، لكل مرحلة منها خصائص تمتاز بها عن غيرها، يظهر ذلك جليًا بعد النظر الدقيق في الظروف التي مرت بها الدعوة خلال العهدين.
ويمكن تقسيم العهد المكي إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنوات.
- مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
- مرحلة الدعوة خارج مكة وفشوها فيهم، من أواخر السنة العاشرة من النبوة. وقد شملت العهد المدني وامتدت إلى آخر حياته صلى الله عليه وسلم.
مرحلة الدعوة السرية
بدأت هذه المرحلة منذ أمر الله تعالى نبيه بعرض الإسلام على مقربيه وأحبابه وأصحابه .
وكان من الطبيعي أن يبدأ بعرض الإسلام على أهله وأقرب الناس إليه، وفي مقدّمتهم زوجته خديجة رضي الله عنها ، فكانت أوّل من آمن به على الإطلاق ، وأوّل من استمع إلى الوحي الإلهي من فم النبي ، وأول من وقف على شهادة أهل الكتاب بصدق نبوّته من خلال ابن عمّها ورقة بن نوفل .
ثم عرض الإسلام على ابن عمّه علي بن أبي طالب ، فسارع إلى الإجابة على الرغم من صغر سنّه ، ثم أسلم مولاه زيد بن حارثة ، وأسلمت بناته زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقيّة رضي الله عنهنّ ، وبذلك حاز بيت النبوّة على شرف الأسبقيّة في الإسلام .
وبعد ذلك انتقل النبي إلى دائرة أصحابه ومعارفه ، فدعا أبا بكر رضي الله عنه ، الذي لم يتردّد لحظةً في تصديقه والإيمان به ، وقد حفظ النبي له هذا الفضل فقال : ( ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة ، وتردّد ونظر ، إلا أبابكر ) رواه ابن إسحاق .
وكان في إسلام أبي بكر رضي الله عنه فاتحة خيرٍ على الإسلام ودعوته ، فقد كانت قريشٌ تحبّه لسعة علمه وحسن ضيافته ، ومكانته كرجلٍ من كبار التجّار الذين لهم ثقلٌ في المجتمع المكّي ، ولذلك استجاب له الكثير من الناس ، ومنهم : عثمان بن عفّان ، و طلحة بن عبيد الله ، و الزبير بن العوّام ، و سعد بن أبي وقاص ، و عبدالرحمن بن عوف ، و عثمان بن مظعون ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، و أبو عبيدة بن الجراح ، و الأرقم بن أبي الأرقم ، و خبّاب بن الأرت ، و عمار بن ياسر وأمّه ، رضي الله عنهم أجمعين .
وسارع كل واحدٍ من هؤلاء إلى دعوة من يطمئنّ إليه ويثق به ، فأسلم على أيديهم جماعة من الصحابة ، حتى وصل عدد الذين أسلموا في تلك الفترة - وفقاً لمصادر السيرة - ما يزيد على الأربعين ما بين رجلٍ وامرأة ، وهؤلاء هم السابقون الأوّلون الذين ذكرهم الله عزّ وجل في قوله : (( والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار )) ( التوبة : 100 ) .
وقد يبدو هناك شيء من التعارض في الروايات التي تحدّد أوائل من أسلم ، وهذا الاختلاف يرجع سببه إلى كتمان هؤلاء الصحابة خبر إسلامهم .
وبمراجعة أسماء أوائل من أسلم من الصحابة نلاحظ انتماءهم إلى قبائل من داخل قريشٍ وخارجها ، فقد كانوا من "بني أميّة وبني أسد وبني عبد الدار وبني جمح وبني زهرة ومذحج ودوس " وغيرها ، وفيه دلالةٌ واضحةٌ على معالم هذه الدعوة الجديدة ، وبعدها عن الدعوات العصبيّة الجاهليّة ، ولو كانت كذلك لكان بنو هاشم قوم النبي أوفر الناس حظّاً ، وأكثرهم أتباعاً لهذه الدعوة الجديدة .
ومما يُشار إليه هنا أيضاً أن أغلب من أسلم في تلك الفترة كان من وجهاء قومه ومن أشرافهم، ولم يكن بينهم من الموالي سوى ثلاثة عشر رجلاً ، مما يدل على أن دعوة الإسلام لم تكن مجرّد ثورة على الأغنياء والوجهاء ، أو هروباً من حياة العبودية والفقر ، وإنما كانت رسالةً قائمة على إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وعقيدة صافيةً تصحّح علاقتهم مع خالقهم ، ومنهجاً ربّانيّاً ينظّم حياتهم .
واستمرّ النبي في هذه الدعوة السرّية أكثر من ثلاث سنوات ، ظلّ فيها يعلّم حقائق التوحيد ، ويغرس معاني الإيمان ومحاسن الأخلاق ، وتمّ اختيار دار الأرقم بن أبي الأرقم لهذه المهمّة .
وفي هذه الفترة شُرعت الصلاة ركعتين في الصباح ، وركعتين في المساء ، وذلك في قوله تعالى ( وسبح بحمد ربك بالعشيّ والإبكار )) ( غافر : 55 ) ، وكان الصحابة يستخفون بصلاتهم في الوديان والشعاب لئلا يفتضح أمرهم .
واستمرّ الناس في الانضمام تحت لواء الدين الجديد حتى تكوّنت الجماعة الإسلاميّة الأولى واشتدّ عودها ، وحان الانتقال إلى مرحلة المواجهة والجهر بالدعوة ، بما قد تحمله من أذى وتعذيب وتضحيات ، وكانت البداية عند نزول قوله تعالى: (( وأنذر عشيرتك الأقربين )) ( الشعراء : 214)
أسباب سرية الدعوة
إنما بدأت الدعوة في أولها سرية للأسباب التالية :
1. في بيئةٍ سادت فيها الوثنيّة بين القبائل العربيّة زمانا طويلاً ، وتربّى فيها أهلها على العصبيّة المقيتة والحميّة الجاهلية ، وضاعت فيها معالم الديانات السماوية ، وانتكست فيها الفطر والمفاهيم حتى صار الباطل حقّاً ، والفضيلة رذيلة ، لم يكن أمام النبي تجاه هذا الواقع سوى أن يؤجّل الإعلان بدعوته على الملأ ، ويكتفي بدعوة من حوله سرّاً ، حتى لا يكون الصدام المباشر في أوّل الأمر سبباً في فشل مهمّته التي بعثه الله بها .
2. تأسيس أفراد مؤمنين تحصلوا على حقيقة الإيمان بما دعاهم إليه الرسول ، وإلا لن يستطيعوا الدفاع عن هذه الدعوة والعمل على نشرها وتمكينها ، خاصة وأن وسائل الصد عنها ستكون شديدة للغاية وهذا ما ظهر جلياً في المرحلة بعدها ، فلو جهر المسلمون بدعوتهم مباشرة قبل أن تترسخ العقيدة في نفوسهم لسهل عليهم الرجوع عنها وعدم الثبات عليها لذا كان من الضروري أن يؤمن بهذه العقيدة الحقة من التزمها بعيداً عن أعين وترقب الكافرين ليصبح قادراً على الثبات عليها والقيام بها على أكمل وجه.
3. خشية النبي صلى الله عليه وسلم من أن يُقضى على أصحابه أو يُضطهدوا في فترة مبكرة وقبل أن تتكون لهم قوة أو ينتشر لهم ذكر ويعلم عدد لا بأس به من الناس بمبادئ دعوته ، فلو أنه أعلن الدعوة مباشرة ، فسيكون أول من يتبعه قلة مع الاضطهاد ، ولن يتعرف أحد على مبادئ الدعوة لأنه لا يعرفها إلاّ صاحبها ،وإنما كانت تربية أصحابه أولاً أهم من الإعلان والجهر بالدعوة .
4. الأهم من هذا كله ، أن النبي لا ينطق عن الهوى ، فهو مرسل مخاطب بالوحي ، لم يأته الأمر بالجهر بالدعوة ، لذا عليه أن يخضع لأمر الله تعالى ويلتزم بما خططه الله تعالى له من أمر الدعوة وسريتها حتى يأتيه الأمر بالجهر .
سمات وخصائص المرحلة السرية في الدعوة
- أنها تقوم على الاصطفاء الشخصي وتقدير الداعية لطبيعة المدعو، فالقلوب أقفال مفاتيحها فيدخل إليها وتستجيب له.
- كما تتسم هذه المرحلة من الدعوة بالعموم فليست خاصة بطبقة معينة بل لقد أتقن الرسول صلى الله عليه وسلم اختيار الأفراد دون أن يتقيد بفئة دون فئة إذ أسلم في هذه المرحلة الأحرار والعبيد والرجال والنساء والشيوخ والفتيان وفي مختلف العشائر والفروع القرشية.
- وقد بلغت السرية في هذه المرحلة أن المسلمين لم يعلنوا موقفهم تجاه الأصنام ولا تعلن العقيدة إلا لمن يرجى انضمامه للجماعة المسلمة فليس إعلان الدعوة هدفا قائما في هذه المرحلة .
- والأصل أن لا يظهر المسلمون المخالفة في شيء، مع التركيز لدى المستجيبين للدعوة على بناء العقيدة السليمة حتى يتكون من هؤلاء النواة الأساسية التي تتحمل أعباء الدعوة والمواجهة ويقوم على أكتافها البناء إسلامي الشامخ بعد ذلك.
الدعوة في طورها السري
مراحل الدعوة النبوية
تنقسم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن شرفه الله بالنبوة والرسالة إلى عهدين يمتاز أحدهما عن الآخـر تمـام الامتياز، وهما:
- العهد المكي، ثلاث عشرة سنة تقريبًا.
- العهد المدني، عشر سنوات كاملة.
ثم يشتمل كل من العهدين على عدة مراحل، لكل مرحلة منها خصائص تمتاز بها عن غيرها، يظهر ذلك جليًا بعد النظر الدقيق في الظروف التي مرت بها الدعوة خلال العهدين.
ويمكن تقسيم العهد المكي إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنوات.
- مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
- مرحلة الدعوة خارج مكة وفشوها فيهم، من أواخر السنة العاشرة من النبوة. وقد شملت العهد المدني وامتدت إلى آخر حياته صلى الله عليه وسلم.
مرحلة الدعوة السرية
بدأت هذه المرحلة منذ أمر الله تعالى نبيه بعرض الإسلام على مقربيه وأحبابه وأصحابه .
وكان من الطبيعي أن يبدأ بعرض الإسلام على أهله وأقرب الناس إليه، وفي مقدّمتهم زوجته خديجة رضي الله عنها ، فكانت أوّل من آمن به على الإطلاق ، وأوّل من استمع إلى الوحي الإلهي من فم النبي ، وأول من وقف على شهادة أهل الكتاب بصدق نبوّته من خلال ابن عمّها ورقة بن نوفل .
ثم عرض الإسلام على ابن عمّه علي بن أبي طالب ، فسارع إلى الإجابة على الرغم من صغر سنّه ، ثم أسلم مولاه زيد بن حارثة ، وأسلمت بناته زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقيّة رضي الله عنهنّ ، وبذلك حاز بيت النبوّة على شرف الأسبقيّة في الإسلام .
وبعد ذلك انتقل النبي إلى دائرة أصحابه ومعارفه ، فدعا أبا بكر رضي الله عنه ، الذي لم يتردّد لحظةً في تصديقه والإيمان به ، وقد حفظ النبي له هذا الفضل فقال : ( ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة ، وتردّد ونظر ، إلا أبابكر ) رواه ابن إسحاق .
وكان في إسلام أبي بكر رضي الله عنه فاتحة خيرٍ على الإسلام ودعوته ، فقد كانت قريشٌ تحبّه لسعة علمه وحسن ضيافته ، ومكانته كرجلٍ من كبار التجّار الذين لهم ثقلٌ في المجتمع المكّي ، ولذلك استجاب له الكثير من الناس ، ومنهم : عثمان بن عفّان ، و طلحة بن عبيد الله ، و الزبير بن العوّام ، و سعد بن أبي وقاص ، و عبدالرحمن بن عوف ، و عثمان بن مظعون ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، و أبو عبيدة بن الجراح ، و الأرقم بن أبي الأرقم ، و خبّاب بن الأرت ، و عمار بن ياسر وأمّه ، رضي الله عنهم أجمعين .
وسارع كل واحدٍ من هؤلاء إلى دعوة من يطمئنّ إليه ويثق به ، فأسلم على أيديهم جماعة من الصحابة ، حتى وصل عدد الذين أسلموا في تلك الفترة - وفقاً لمصادر السيرة - ما يزيد على الأربعين ما بين رجلٍ وامرأة ، وهؤلاء هم السابقون الأوّلون الذين ذكرهم الله عزّ وجل في قوله : (( والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار )) ( التوبة : 100 ) .
وقد يبدو هناك شيء من التعارض في الروايات التي تحدّد أوائل من أسلم ، وهذا الاختلاف يرجع سببه إلى كتمان هؤلاء الصحابة خبر إسلامهم .
وبمراجعة أسماء أوائل من أسلم من الصحابة نلاحظ انتماءهم إلى قبائل من داخل قريشٍ وخارجها ، فقد كانوا من "بني أميّة وبني أسد وبني عبد الدار وبني جمح وبني زهرة ومذحج ودوس " وغيرها ، وفيه دلالةٌ واضحةٌ على معالم هذه الدعوة الجديدة ، وبعدها عن الدعوات العصبيّة الجاهليّة ، ولو كانت كذلك لكان بنو هاشم قوم النبي أوفر الناس حظّاً ، وأكثرهم أتباعاً لهذه الدعوة الجديدة .
ومما يُشار إليه هنا أيضاً أن أغلب من أسلم في تلك الفترة كان من وجهاء قومه ومن أشرافهم، ولم يكن بينهم من الموالي سوى ثلاثة عشر رجلاً ، مما يدل على أن دعوة الإسلام لم تكن مجرّد ثورة على الأغنياء والوجهاء ، أو هروباً من حياة العبودية والفقر ، وإنما كانت رسالةً قائمة على إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وعقيدة صافيةً تصحّح علاقتهم مع خالقهم ، ومنهجاً ربّانيّاً ينظّم حياتهم .
واستمرّ النبي في هذه الدعوة السرّية أكثر من ثلاث سنوات ، ظلّ فيها يعلّم حقائق التوحيد ، ويغرس معاني الإيمان ومحاسن الأخلاق ، وتمّ اختيار دار الأرقم بن أبي الأرقم لهذه المهمّة .
وفي هذه الفترة شُرعت الصلاة ركعتين في الصباح ، وركعتين في المساء ، وذلك في قوله تعالى ( وسبح بحمد ربك بالعشيّ والإبكار )) ( غافر : 55 ) ، وكان الصحابة يستخفون بصلاتهم في الوديان والشعاب لئلا يفتضح أمرهم .
واستمرّ الناس في الانضمام تحت لواء الدين الجديد حتى تكوّنت الجماعة الإسلاميّة الأولى واشتدّ عودها ، وحان الانتقال إلى مرحلة المواجهة والجهر بالدعوة ، بما قد تحمله من أذى وتعذيب وتضحيات ، وكانت البداية عند نزول قوله تعالى: (( وأنذر عشيرتك الأقربين )) ( الشعراء : 214)
أسباب سرية الدعوة
إنما بدأت الدعوة في أولها سرية للأسباب التالية :
1. في بيئةٍ سادت فيها الوثنيّة بين القبائل العربيّة زمانا طويلاً ، وتربّى فيها أهلها على العصبيّة المقيتة والحميّة الجاهلية ، وضاعت فيها معالم الديانات السماوية ، وانتكست فيها الفطر والمفاهيم حتى صار الباطل حقّاً ، والفضيلة رذيلة ، لم يكن أمام النبي تجاه هذا الواقع سوى أن يؤجّل الإعلان بدعوته على الملأ ، ويكتفي بدعوة من حوله سرّاً ، حتى لا يكون الصدام المباشر في أوّل الأمر سبباً في فشل مهمّته التي بعثه الله بها .
2. تأسيس أفراد مؤمنين تحصلوا على حقيقة الإيمان بما دعاهم إليه الرسول ، وإلا لن يستطيعوا الدفاع عن هذه الدعوة والعمل على نشرها وتمكينها ، خاصة وأن وسائل الصد عنها ستكون شديدة للغاية وهذا ما ظهر جلياً في المرحلة بعدها ، فلو جهر المسلمون بدعوتهم مباشرة قبل أن تترسخ العقيدة في نفوسهم لسهل عليهم الرجوع عنها وعدم الثبات عليها لذا كان من الضروري أن يؤمن بهذه العقيدة الحقة من التزمها بعيداً عن أعين وترقب الكافرين ليصبح قادراً على الثبات عليها والقيام بها على أكمل وجه.
3. خشية النبي صلى الله عليه وسلم من أن يُقضى على أصحابه أو يُضطهدوا في فترة مبكرة وقبل أن تتكون لهم قوة أو ينتشر لهم ذكر ويعلم عدد لا بأس به من الناس بمبادئ دعوته ، فلو أنه أعلن الدعوة مباشرة ، فسيكون أول من يتبعه قلة مع الاضطهاد ، ولن يتعرف أحد على مبادئ الدعوة لأنه لا يعرفها إلاّ صاحبها ،وإنما كانت تربية أصحابه أولاً أهم من الإعلان والجهر بالدعوة .
4. الأهم من هذا كله ، أن النبي لا ينطق عن الهوى ، فهو مرسل مخاطب بالوحي ، لم يأته الأمر بالجهر بالدعوة ، لذا عليه أن يخضع لأمر الله تعالى ويلتزم بما خططه الله تعالى له من أمر الدعوة وسريتها حتى يأتيه الأمر بالجهر .
سمات وخصائص المرحلة السرية في الدعوة
- أنها تقوم على الاصطفاء الشخصي وتقدير الداعية لطبيعة المدعو، فالقلوب أقفال مفاتيحها فيدخل إليها وتستجيب له.
- كما تتسم هذه المرحلة من الدعوة بالعموم فليست خاصة بطبقة معينة بل لقد أتقن الرسول صلى الله عليه وسلم اختيار الأفراد دون أن يتقيد بفئة دون فئة إذ أسلم في هذه المرحلة الأحرار والعبيد والرجال والنساء والشيوخ والفتيان وفي مختلف العشائر والفروع القرشية.
- وقد بلغت السرية في هذه المرحلة أن المسلمين لم يعلنوا موقفهم تجاه الأصنام ولا تعلن العقيدة إلا لمن يرجى انضمامه للجماعة المسلمة فليس إعلان الدعوة هدفا قائما في هذه المرحلة .
- والأصل أن لا يظهر المسلمون المخالفة في شيء، مع التركيز لدى المستجيبين للدعوة على بناء العقيدة السليمة حتى يتكون من هؤلاء النواة الأساسية التي تتحمل أعباء الدعوة والمواجهة ويقوم على أكتافها البناء إسلامي الشامخ بعد ذلك.