السلاام عليكم
شخبااركمم ان شاء الله بخير
انا راح انزل قصص الصحابة رضي الله عنهم وراح تكون اجزاء كل صحابي وقصته في وقت لحال
اتمنى ان تعم الاستفادةة
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه {يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ} حديث شريف.
معاوية بن أبي سفيان القرشيّ الأموي، ولد قبل البعثة بخمس سنين أسلم بعد الحديبيـة وكتَمَ إسلامه حتى أظهره عام الفتـح، وكان في عمرة القضاء مسلماً، كان من الكَتَبة الحَسبَة الفصحاء حليماً وقوراً عاش عشرين سنة أميراً وعشرين سنة خليفة.
إسلامه أسلم معاوية بن أبي سفيان قبل عُمرة القضية، ولكنه كان يخاف أن يخرج الى المدينة لأن أمه كانت تقول له: { إن خرجت قطعنا عنك القوت }.
صهر الرسول أخته أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان، دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم حبيبة ومعاوية عندها نائم على السرير، فقال: { من هذا يا أم حبيبة ؟}.
فقالت: { أخي معاوية يا رسول الله }.
قال: { فتُحِبِّيه ؟}.
فقالت: { إيْ والله إنّي لأحبُّه }.
فقال: { يا أم حبيبة ! فإني أحب معاوية، وأحب من يحب معاوية، وجبريل وميكائيل يُحبّان معاوية، والله أشدُّ حُبّاً لمعاوية من جبريل وميكائيل }.
خَلْقه وخُلُقه كان طويلاً أبيض أجلح وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال عكـرمة لابن عباس: { إن معاوية أوتر بركعة }.
فقال: { إنه فقيه }.
قال المدائنـي: { كان زيـد بن ثابت يكتب الوحـي، وكان معاوية يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بينه وبين العرب، فدخل معاوية بن أبي سفيان على عمر -رضي الله عنه- وعليه حُلّة خضراء فنظر إليه الصحابة، فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدَّرّة فجعل ضرباً بمعاوية، ومعاوية يقول: الله الله يا أمير المؤمنين، فيمَ ؟ فيمَ ؟}.
فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه فقالوا له: { لِمَ ضربت الفتى وما في قومك مثله ؟}.
فقال: { ما رأيت إلا خيراً، وما بلغني إلا خير، ولكني رأيته -وأشار بيده الى فوق- فأردت أن أضعَ منه }.
كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان معاوية قليل الحديث عن رسول الله الكريم.
الولاية ولاه عمر بن الخطاب الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقره عثمان.
معاوية وعلي لم يبايع معاوية علي بن أبي طالب، وحاربه واستقل بالشام، ثم أضاف إليها مصر، ثم تسمّى بالخلافة بعد الحكمين.
ولمّا قُتِلَ علي -رضي الله عنه- سار معاوية من الشام الى العراق، فنزل بمسكن ناحية حربي { بين بغداد وتكريت }إلى أن وجّه إليه الحسن بن علي فصالحه، وقدم معاوية الكوفة، فبايع له الحسن بالخلافة واجتمع عليه الناس، فسمّي ذلك العام عام الجماعة.
وقد سُئِلَ الحارث الأعور -وكان من أصحاب علي-: { ما حمل الحسن بن عليّ على أن يُبايع لمعاوية وله الأمر ؟}.
قال: { إنه سمع علياً يقول: لا تكرهوا إمْرَة معاوية }.
معاوية والملك قال معاوية: { اتبعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضوء فلما توضأ نظر إليّ فقال: { يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ }.
فما زلتُ أظنُّ أنّي مُبتلِ بعمل.
قال ابن عباس: { ما رأيت أحداً أحلى للملك من معاوية }.
فملك الناس عشرين سنة، يسوسهم بالملك، يفتح الله به الفتوح، ويغزو الروم، ويقسم الفيء والغنيمة، ويقيم الحدود.
قال أبو الدرداء: { لا مدينة بعد عثمان، ولا رخاء بعد معاوية }.
معاوية والسيدة عائشة لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة: { أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟}.
قال معاوية: { صدقتِ }.
فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق، والذي سنّ الخلفاء بعده، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم، فقالت في ذلك، فلم تترِك.
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية: { أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة، البليغة الموعظة، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي }.
فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان، قال: { والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة }.
أخلاق الحاكم خطب معاوية بالناس وقد حَبَس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال أبو مسلم: { يا معاوية، إنّ هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك }.
فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا، فنزل ثم رجع فقال: { أيُّها الناس ! إنّ أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي، و صدق أبو مسلم، إني سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول: { الغضبُ من الشيطان، والشيطان من النار، والماء يطفيء النار، فإذا غضب أحدكم فلْيَغتسل }.
اغْدُوا على عطائكم على بركة الله عزّ وجلّ }.
وخطب يوماً معاوية فقال: { إنّ في بيت مالكم فَضْلاً عن عطائكم، وإني قاسمٌ بينكم ذلك، فإن كان فيه قابلاً فضلٌ قسمته عليكم، وإلا فلا عَتِيبَة عليّ، فإنه ليس مالي وإنّما هو فَيء الله الذي أفاءَ عليكم }.
قال معاوية: { لا أضع لساني حيث يكفيني مالي، ولا أضع سَوْطي حيث يكفيني لساني، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سَوْطي، فإذا لم أجد من السيف بُدّاً ركبتُهُ }.
فضله قال معاوية: { أفضلُ ما أعطي الرجلُ العقل والحِلْمَ، وإذا ذُكّرَ ذَكَرَ، وإذا أعطيَ شكر، وإذا ابتُليَ صَبَر، وإذا غضِبَ كظم، وإذا قَدَرَ غَفَرَ، وإذا أساء اسْتَغْفر، وإذا وَعَدَ أنْجَزَ }.
قال معاوية: { لا يبلغ الرجل مبلغَ الرأي حتى يَغلِبَ حِلْمُهُ جهلَهُ، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحِلْم }.
الوفاة لمّا حضرت معاوية الوفاة أوصى أن يُكفّن في قميص كساه إيّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يجعل ممّا يلي جسده، وكان عنده قُلامة أظفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفمه، وقال: { افعلوا بي، وخلّوا بيني وبين أرحم الراحمين }.
ومات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح.
مما قيل في معاوية سَألَ الزهري سعيد بن المسيّب عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: { اسمعْ يا زهري، من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وشهد للعشرة بالجنة، وترحّم على معاوية، كان حقيقاً على الله عز وجل أن لا يناقشه الحساب }.
وسُئِلَ ابن مبارك عما يقوله في معاوية فأجاب: { ما أقول في رجل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: { سمع الله لمن حمده }.
فقال معاوية من خلفه: { ربَّنا ولك الحمد }.
فقيل له: { ما تقول في معاوية، هل هو عندك أفضل أم عمر بن عبد العزيز ؟}.
فقال: { لتُرابٌ في مِنْخَريّ معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير من عمر بن عبد العزيز }.
وسأل رجل المعافى بن عمران فقال: { يا أبا مسعود، أين عمر بن عبد العزيز من معاوية ؟}.
فغضب من ذلك غضباً شديداً وقال: { لا يُقاس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد، معاوية صاحبه وصهره، وكاتبه وأمينه على وحي الله عزّ وجلّ، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دَعوا لي أصحابي وأصهاري، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين }.
معاذ بن جبل رضي الله عنه
معاذ بن جبل رضي الله عنه { وأَعْلَمُ أُمَّتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل } حديث شريف.
معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري، وكنيته أبو عبدالرحمن.
أسلم وعمره ثماني عشرة سنـة عندما أسلم سعد بن معاذ -رضي الله عنه - سيد الخزرج الذي طلب من قومه أن يسلمـوا فأسلم الخزرج ومعهم معاذ -رضي اللـه عنه-.
وقدم من المدينة الى مكة لمبايعة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ليلـة العقبـة الثانية فبايعه معهم وحضر المشاهـد كلها وروى عن النبـي -صلى الله عليه وسلم- الشيء الكثير من الأحاديث النبوية.
قربه من الرسول لزم معاذ بن جبل النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ هجرته الى المدينة.
فأخذ عنه القرآن وتلقى شرائع الاسلام حتى صار أقرأ الصحابة لكتاب الله وأعلمهم بشرعه.
وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وحسبه شهادة له قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { استقرئـوا القرآن من أربعـة: من ابن مسعـود، وسالم مولى أبي حذيفـة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل }.
وقوله - صلى الله عليه وسلم-: { وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل}.
قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { يا مُعاذ، والله إني لأُحِبّك فلا تنْسَ أن تقول في عَقِب كل صلاة: اللهم أعِنّي على ذِكْرك وشكرك وحُسْن عبادتك }.
ولقد حَـذِق معاذ الدرس وأجاد التطبيـق.
فقد لقيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذات صباح فسأله: { كيف أصبحت يا معاذ ؟}.
قال: { أصبحت مؤمنا حقّا يا رسول الله }.
قال النبي: { إن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك ؟}.
قال معاذ: { ما أصبحت صباحا قط إلا ظننت أني لا أمْسي، ولا أمْسَيت مساء إلا ظننت أني لا أُصْبح، ولا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتْبِعُها غيرها، وكأني أنظر الى كل أمّة جاثية تُدْعى الى كتابها، وكأني أرى أهل الجنة في الجنة يُنَعَّمون، وأهل النار في النار يُعَذّبون }.
فقال له الرسول: { عرفتَ فالزم}.
ارساله الى اليمن وبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ مع رسل ملوك اليمن يعلم الناس دينهم وأوصاه بأمور عدة.
فقد سأله النبي -صلى الله عليه وسلم-: { بما تحكم يا معاذ ؟}.
قال معاذ: { بكتاب الله }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { فان لم تجد ؟}.
قال معاذ: { بسنة رسول الله }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { فان لم تجد ؟}.
قال معاذ: { أجتهد رأي ولا آلو }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله }.
فضله لقد كان عمـر بن الخطـاب -رضي اللـه عنه- يستشيـره كثيرا وكان يقول في بعـض المواطـن التي يستعيـن فيها برأي مُعاذ وفقهـه: { لولا معاذ بن جبـل لهلك عمـر }.
ولقد أجاد ابـن مسعـود وصفه حيـن قال: { إن معـاذاً كان أمِّـةً قانتـاً للـهِ حَنيفـاً، ولقد كنّـا نُشَبِّـه معاذا بإبراهيـم عليـه السـلام }.
دخل { عائذ الله بن عبد الله } المسجد يوما مع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول خلافة عمر فيحدثنا ويقول: { فجلست مجلسا فيه بضعٌ وثلاثون كلهم يَذْكرون حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي الحلقة شاب شديد الأُدْمَة حلو المنطق وضيء، وهو أشَبُّ القوم سِنّا، فإذا اشتبـه عليهم من الحديـث شيء رَدّوه إليه فَأفْتاهم، ولا يحدثهم إلا حين يسألونه، ولما قُضيَ مجلسهم دَنَـوْتُ منه وسَألْتُه: { من أنت يا عبد الله ؟}.
قال: { أنا معاذ بن جبل }.
ويقول أبو مسلم الخولاني : {دخلت مسجد حمص فإذا جماعة من الكهول يتوسّطهم شاب برّاق الثنايا صامت لا يتكلم، فإذا امْتَرَى القوم في شيء تَوَجَّهوا إليه يسألونه، فقلت لجليس لي: من هذا ؟}.
قال معاذ بن جبل: { فوقع في نفسي حُبُّه }.
كما قال شهر بن حَوْشَب : { كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل، نظروا إليه هيبة له }.
حُبّ العلم كان معاذا -رضي الله عنه- دائب الدعوة الى العلم والى ذكر الله، فقد كان يقول: { احذروا زيْغ الحكيم، واعرفوا الحق بالحق، فإن للحق نوراً }.
وكان يرى العبادة قصداُ وعدلا، قال له يوما أحد المسلمين: { علّمني }.
فسأله معاذ: { وهل أنت مطيعي إذا علمتك ؟}.
قال الرجل: { إني على طاعتك لحريص }.
فقال له معاذ: { صُمْ وأفْطِر، وصَلِّ ونَمْ، واكْتَسِب ولا تأثَمْ، ولا تموتنَّ إلا مُسْلِما، وإياك ودَعْوَة المظلوم }.
وكان يرى العلم معرفة وعملا فيقول: { تعلموا ماشئتـم أن تتعلموا، فلن ينفعـكم الله بالعلم حتى تعْمَلوا }.
وكان يرى الإيمان بالله وذكره استحضارا دائما لعظمته ومراجعة دائمة لسلوك النفس، يقول الأسود بن هلال: { كُنّا نمشي مع مُعاذ، فقال لنا: اجلسوا بنا نُؤْمِنْ ساعة }.
طهارته مات الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ بن جبل في اليمن، وفي خلافة أبي بكر رجِع معاذ الى اليمن، وكان عمر بن الخطاب قد علِمَ أن معاذاً أثرى فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله، ولم ينتظر عمر بل نهض مسرعا الى معاذ وأخبره، وقد كان معاذ -رضي الله عنه- طاهر الكف والذمّة، ولئن كان قد أثرى فإنه لم يكتسب إثما ومن ثم فقد رفض عرض عمر وناقشه رأيه، وتركه عمر وانصرف، وفي الغداة سارع معاذ الى عمر يلقاه ولا يكاد يراه حتى يعانقه ودموعه تسبق كلماته ويقول: { لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حَوْمَة ماء، أخشى على نفسي الغرق، حتى جئت فخلصتني يا عمر }.
وذهبا معا الى أبي بكر وطلب معاذ إليه أن يشاطره ماله فقال أبو بكر: { لا آخذ منك شيئاً }.
فنظر عمر الى معاذ وقال له: { الآن حَلَّ وطاب }.
فما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهما واحدا، لو علم أنه أخذه بغير حق.
أمانته وورعه كما أرسله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الى بني كلاب ليقسم فيهم أعطياتهم ويوزع على فقرائهم صدقات أغنيائهم فقام بواجبه خير قيام.
وعاد الى زوجـه بحلسه {ما يوضع على ظهر الدابة} الذي خرج به فقاـلت له امرأته: { أين ما جئت به مما يأتي به الولاة من هدية لأهليهـم ؟}.
فقال معاذ: { لقد كان معي رقيب يقظ يحصي علي }.
فقالت امرأته: { لقد كنت أمينا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ثم جاء عمر فبعث معك رقيبا يحصي عليك }.
وشاعت ذلك عند نساء عمر وشكته لهن فبلغ عمر.
فأرسل الى معاذ وسأله: {أنا أرسلت معك رقيبا}.
فقال: { يا أمير المؤمنين لم أجد ما اعتذر به الا هذا وقصدت بالرقيب الله عزوجل }.
فأعطاه عمر شيئا وقال: { أرضها به}.
معلما ثم واليا للشام وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- أرسل اليه واليه على الشام يقول: { يا أمير المؤمنين ان أهل الشام قد كثروا وملأوا المدائن واحتاجوا الى من يعلمهم القرآن،ويفقههم في الدين، فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم}.
فأرسل اليه عمر من يعلمهم وكان أحدهم معاذ بن جبل -رضي الله عنه-.
فلما مات أمير الشام { أبو عبيدة } استخلفه أمير المؤمنين على الشام، ولم يمضِ عليه في الإمارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه منيبا، وكان عمر بن الخطاب يقول: { لو اسْتَخْلفْت معاذ بن جبل فسألني ربي: لماذا استخلفته ؟.
لقلت: سمعت نبيك يقول: إن العلماء إذا حضروا ربهم عزَّ وجل كان معاذ بين أيديهم }.
وهذا رأيه على خلافة المسلمين جميعا.
طاعون عمواس أصيب معاذ -رضي الله عنه- بالطاعون، فلما حضرته الوفاة قال: { مرحبا بالموت مرحبا، زائر بعد غياب وحبيب وفد على شوق }.
ثم جعل ينظر الى السماء ويقول: { اللهم إني كنتُ أخافك، لكنني اليوم أرجوك، اللهم انك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لغرس الأشجار، وجري الأنهار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء عند حلق الذكر، اللهم فتقبل نفسي بخير ما تتقبل به نفسا مؤمنة }.
ثم فاضت روحه بعيدا عن الأهل داعيا الى الله مهاجرا في سبيله.
وكانت وفاته في السنة السابعة عشرة من الهجرة النبوية في طاعون عمواس وعمره ثلاث وثلاثون سنة.
شخبااركمم ان شاء الله بخير
انا راح انزل قصص الصحابة رضي الله عنهم وراح تكون اجزاء كل صحابي وقصته في وقت لحال
اتمنى ان تعم الاستفادةة
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه {يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ} حديث شريف.
معاوية بن أبي سفيان القرشيّ الأموي، ولد قبل البعثة بخمس سنين أسلم بعد الحديبيـة وكتَمَ إسلامه حتى أظهره عام الفتـح، وكان في عمرة القضاء مسلماً، كان من الكَتَبة الحَسبَة الفصحاء حليماً وقوراً عاش عشرين سنة أميراً وعشرين سنة خليفة.
إسلامه أسلم معاوية بن أبي سفيان قبل عُمرة القضية، ولكنه كان يخاف أن يخرج الى المدينة لأن أمه كانت تقول له: { إن خرجت قطعنا عنك القوت }.
صهر الرسول أخته أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان، دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم حبيبة ومعاوية عندها نائم على السرير، فقال: { من هذا يا أم حبيبة ؟}.
فقالت: { أخي معاوية يا رسول الله }.
قال: { فتُحِبِّيه ؟}.
فقالت: { إيْ والله إنّي لأحبُّه }.
فقال: { يا أم حبيبة ! فإني أحب معاوية، وأحب من يحب معاوية، وجبريل وميكائيل يُحبّان معاوية، والله أشدُّ حُبّاً لمعاوية من جبريل وميكائيل }.
خَلْقه وخُلُقه كان طويلاً أبيض أجلح وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال عكـرمة لابن عباس: { إن معاوية أوتر بركعة }.
فقال: { إنه فقيه }.
قال المدائنـي: { كان زيـد بن ثابت يكتب الوحـي، وكان معاوية يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بينه وبين العرب، فدخل معاوية بن أبي سفيان على عمر -رضي الله عنه- وعليه حُلّة خضراء فنظر إليه الصحابة، فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدَّرّة فجعل ضرباً بمعاوية، ومعاوية يقول: الله الله يا أمير المؤمنين، فيمَ ؟ فيمَ ؟}.
فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه فقالوا له: { لِمَ ضربت الفتى وما في قومك مثله ؟}.
فقال: { ما رأيت إلا خيراً، وما بلغني إلا خير، ولكني رأيته -وأشار بيده الى فوق- فأردت أن أضعَ منه }.
كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان معاوية قليل الحديث عن رسول الله الكريم.
الولاية ولاه عمر بن الخطاب الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقره عثمان.
معاوية وعلي لم يبايع معاوية علي بن أبي طالب، وحاربه واستقل بالشام، ثم أضاف إليها مصر، ثم تسمّى بالخلافة بعد الحكمين.
ولمّا قُتِلَ علي -رضي الله عنه- سار معاوية من الشام الى العراق، فنزل بمسكن ناحية حربي { بين بغداد وتكريت }إلى أن وجّه إليه الحسن بن علي فصالحه، وقدم معاوية الكوفة، فبايع له الحسن بالخلافة واجتمع عليه الناس، فسمّي ذلك العام عام الجماعة.
وقد سُئِلَ الحارث الأعور -وكان من أصحاب علي-: { ما حمل الحسن بن عليّ على أن يُبايع لمعاوية وله الأمر ؟}.
قال: { إنه سمع علياً يقول: لا تكرهوا إمْرَة معاوية }.
معاوية والملك قال معاوية: { اتبعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضوء فلما توضأ نظر إليّ فقال: { يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ }.
فما زلتُ أظنُّ أنّي مُبتلِ بعمل.
قال ابن عباس: { ما رأيت أحداً أحلى للملك من معاوية }.
فملك الناس عشرين سنة، يسوسهم بالملك، يفتح الله به الفتوح، ويغزو الروم، ويقسم الفيء والغنيمة، ويقيم الحدود.
قال أبو الدرداء: { لا مدينة بعد عثمان، ولا رخاء بعد معاوية }.
معاوية والسيدة عائشة لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة: { أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟}.
قال معاوية: { صدقتِ }.
فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق، والذي سنّ الخلفاء بعده، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم، فقالت في ذلك، فلم تترِك.
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية: { أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة، البليغة الموعظة، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي }.
فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان، قال: { والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة }.
أخلاق الحاكم خطب معاوية بالناس وقد حَبَس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال أبو مسلم: { يا معاوية، إنّ هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك }.
فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا، فنزل ثم رجع فقال: { أيُّها الناس ! إنّ أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي، و صدق أبو مسلم، إني سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول: { الغضبُ من الشيطان، والشيطان من النار، والماء يطفيء النار، فإذا غضب أحدكم فلْيَغتسل }.
اغْدُوا على عطائكم على بركة الله عزّ وجلّ }.
وخطب يوماً معاوية فقال: { إنّ في بيت مالكم فَضْلاً عن عطائكم، وإني قاسمٌ بينكم ذلك، فإن كان فيه قابلاً فضلٌ قسمته عليكم، وإلا فلا عَتِيبَة عليّ، فإنه ليس مالي وإنّما هو فَيء الله الذي أفاءَ عليكم }.
قال معاوية: { لا أضع لساني حيث يكفيني مالي، ولا أضع سَوْطي حيث يكفيني لساني، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سَوْطي، فإذا لم أجد من السيف بُدّاً ركبتُهُ }.
فضله قال معاوية: { أفضلُ ما أعطي الرجلُ العقل والحِلْمَ، وإذا ذُكّرَ ذَكَرَ، وإذا أعطيَ شكر، وإذا ابتُليَ صَبَر، وإذا غضِبَ كظم، وإذا قَدَرَ غَفَرَ، وإذا أساء اسْتَغْفر، وإذا وَعَدَ أنْجَزَ }.
قال معاوية: { لا يبلغ الرجل مبلغَ الرأي حتى يَغلِبَ حِلْمُهُ جهلَهُ، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحِلْم }.
الوفاة لمّا حضرت معاوية الوفاة أوصى أن يُكفّن في قميص كساه إيّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يجعل ممّا يلي جسده، وكان عنده قُلامة أظفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفمه، وقال: { افعلوا بي، وخلّوا بيني وبين أرحم الراحمين }.
ومات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح.
مما قيل في معاوية سَألَ الزهري سعيد بن المسيّب عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: { اسمعْ يا زهري، من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وشهد للعشرة بالجنة، وترحّم على معاوية، كان حقيقاً على الله عز وجل أن لا يناقشه الحساب }.
وسُئِلَ ابن مبارك عما يقوله في معاوية فأجاب: { ما أقول في رجل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: { سمع الله لمن حمده }.
فقال معاوية من خلفه: { ربَّنا ولك الحمد }.
فقيل له: { ما تقول في معاوية، هل هو عندك أفضل أم عمر بن عبد العزيز ؟}.
فقال: { لتُرابٌ في مِنْخَريّ معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير من عمر بن عبد العزيز }.
وسأل رجل المعافى بن عمران فقال: { يا أبا مسعود، أين عمر بن عبد العزيز من معاوية ؟}.
فغضب من ذلك غضباً شديداً وقال: { لا يُقاس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد، معاوية صاحبه وصهره، وكاتبه وأمينه على وحي الله عزّ وجلّ، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دَعوا لي أصحابي وأصهاري، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين }.
معاذ بن جبل رضي الله عنه
معاذ بن جبل رضي الله عنه { وأَعْلَمُ أُمَّتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل } حديث شريف.
معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري، وكنيته أبو عبدالرحمن.
أسلم وعمره ثماني عشرة سنـة عندما أسلم سعد بن معاذ -رضي الله عنه - سيد الخزرج الذي طلب من قومه أن يسلمـوا فأسلم الخزرج ومعهم معاذ -رضي اللـه عنه-.
وقدم من المدينة الى مكة لمبايعة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ليلـة العقبـة الثانية فبايعه معهم وحضر المشاهـد كلها وروى عن النبـي -صلى الله عليه وسلم- الشيء الكثير من الأحاديث النبوية.
قربه من الرسول لزم معاذ بن جبل النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ هجرته الى المدينة.
فأخذ عنه القرآن وتلقى شرائع الاسلام حتى صار أقرأ الصحابة لكتاب الله وأعلمهم بشرعه.
وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وحسبه شهادة له قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { استقرئـوا القرآن من أربعـة: من ابن مسعـود، وسالم مولى أبي حذيفـة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل }.
وقوله - صلى الله عليه وسلم-: { وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل}.
قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { يا مُعاذ، والله إني لأُحِبّك فلا تنْسَ أن تقول في عَقِب كل صلاة: اللهم أعِنّي على ذِكْرك وشكرك وحُسْن عبادتك }.
ولقد حَـذِق معاذ الدرس وأجاد التطبيـق.
فقد لقيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذات صباح فسأله: { كيف أصبحت يا معاذ ؟}.
قال: { أصبحت مؤمنا حقّا يا رسول الله }.
قال النبي: { إن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك ؟}.
قال معاذ: { ما أصبحت صباحا قط إلا ظننت أني لا أمْسي، ولا أمْسَيت مساء إلا ظننت أني لا أُصْبح، ولا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتْبِعُها غيرها، وكأني أنظر الى كل أمّة جاثية تُدْعى الى كتابها، وكأني أرى أهل الجنة في الجنة يُنَعَّمون، وأهل النار في النار يُعَذّبون }.
فقال له الرسول: { عرفتَ فالزم}.
ارساله الى اليمن وبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ مع رسل ملوك اليمن يعلم الناس دينهم وأوصاه بأمور عدة.
فقد سأله النبي -صلى الله عليه وسلم-: { بما تحكم يا معاذ ؟}.
قال معاذ: { بكتاب الله }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { فان لم تجد ؟}.
قال معاذ: { بسنة رسول الله }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { فان لم تجد ؟}.
قال معاذ: { أجتهد رأي ولا آلو }.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله }.
فضله لقد كان عمـر بن الخطـاب -رضي اللـه عنه- يستشيـره كثيرا وكان يقول في بعـض المواطـن التي يستعيـن فيها برأي مُعاذ وفقهـه: { لولا معاذ بن جبـل لهلك عمـر }.
ولقد أجاد ابـن مسعـود وصفه حيـن قال: { إن معـاذاً كان أمِّـةً قانتـاً للـهِ حَنيفـاً، ولقد كنّـا نُشَبِّـه معاذا بإبراهيـم عليـه السـلام }.
دخل { عائذ الله بن عبد الله } المسجد يوما مع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول خلافة عمر فيحدثنا ويقول: { فجلست مجلسا فيه بضعٌ وثلاثون كلهم يَذْكرون حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي الحلقة شاب شديد الأُدْمَة حلو المنطق وضيء، وهو أشَبُّ القوم سِنّا، فإذا اشتبـه عليهم من الحديـث شيء رَدّوه إليه فَأفْتاهم، ولا يحدثهم إلا حين يسألونه، ولما قُضيَ مجلسهم دَنَـوْتُ منه وسَألْتُه: { من أنت يا عبد الله ؟}.
قال: { أنا معاذ بن جبل }.
ويقول أبو مسلم الخولاني : {دخلت مسجد حمص فإذا جماعة من الكهول يتوسّطهم شاب برّاق الثنايا صامت لا يتكلم، فإذا امْتَرَى القوم في شيء تَوَجَّهوا إليه يسألونه، فقلت لجليس لي: من هذا ؟}.
قال معاذ بن جبل: { فوقع في نفسي حُبُّه }.
كما قال شهر بن حَوْشَب : { كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل، نظروا إليه هيبة له }.
حُبّ العلم كان معاذا -رضي الله عنه- دائب الدعوة الى العلم والى ذكر الله، فقد كان يقول: { احذروا زيْغ الحكيم، واعرفوا الحق بالحق، فإن للحق نوراً }.
وكان يرى العبادة قصداُ وعدلا، قال له يوما أحد المسلمين: { علّمني }.
فسأله معاذ: { وهل أنت مطيعي إذا علمتك ؟}.
قال الرجل: { إني على طاعتك لحريص }.
فقال له معاذ: { صُمْ وأفْطِر، وصَلِّ ونَمْ، واكْتَسِب ولا تأثَمْ، ولا تموتنَّ إلا مُسْلِما، وإياك ودَعْوَة المظلوم }.
وكان يرى العلم معرفة وعملا فيقول: { تعلموا ماشئتـم أن تتعلموا، فلن ينفعـكم الله بالعلم حتى تعْمَلوا }.
وكان يرى الإيمان بالله وذكره استحضارا دائما لعظمته ومراجعة دائمة لسلوك النفس، يقول الأسود بن هلال: { كُنّا نمشي مع مُعاذ، فقال لنا: اجلسوا بنا نُؤْمِنْ ساعة }.
طهارته مات الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ بن جبل في اليمن، وفي خلافة أبي بكر رجِع معاذ الى اليمن، وكان عمر بن الخطاب قد علِمَ أن معاذاً أثرى فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله، ولم ينتظر عمر بل نهض مسرعا الى معاذ وأخبره، وقد كان معاذ -رضي الله عنه- طاهر الكف والذمّة، ولئن كان قد أثرى فإنه لم يكتسب إثما ومن ثم فقد رفض عرض عمر وناقشه رأيه، وتركه عمر وانصرف، وفي الغداة سارع معاذ الى عمر يلقاه ولا يكاد يراه حتى يعانقه ودموعه تسبق كلماته ويقول: { لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حَوْمَة ماء، أخشى على نفسي الغرق، حتى جئت فخلصتني يا عمر }.
وذهبا معا الى أبي بكر وطلب معاذ إليه أن يشاطره ماله فقال أبو بكر: { لا آخذ منك شيئاً }.
فنظر عمر الى معاذ وقال له: { الآن حَلَّ وطاب }.
فما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهما واحدا، لو علم أنه أخذه بغير حق.
أمانته وورعه كما أرسله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الى بني كلاب ليقسم فيهم أعطياتهم ويوزع على فقرائهم صدقات أغنيائهم فقام بواجبه خير قيام.
وعاد الى زوجـه بحلسه {ما يوضع على ظهر الدابة} الذي خرج به فقاـلت له امرأته: { أين ما جئت به مما يأتي به الولاة من هدية لأهليهـم ؟}.
فقال معاذ: { لقد كان معي رقيب يقظ يحصي علي }.
فقالت امرأته: { لقد كنت أمينا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ثم جاء عمر فبعث معك رقيبا يحصي عليك }.
وشاعت ذلك عند نساء عمر وشكته لهن فبلغ عمر.
فأرسل الى معاذ وسأله: {أنا أرسلت معك رقيبا}.
فقال: { يا أمير المؤمنين لم أجد ما اعتذر به الا هذا وقصدت بالرقيب الله عزوجل }.
فأعطاه عمر شيئا وقال: { أرضها به}.
معلما ثم واليا للشام وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- أرسل اليه واليه على الشام يقول: { يا أمير المؤمنين ان أهل الشام قد كثروا وملأوا المدائن واحتاجوا الى من يعلمهم القرآن،ويفقههم في الدين، فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم}.
فأرسل اليه عمر من يعلمهم وكان أحدهم معاذ بن جبل -رضي الله عنه-.
فلما مات أمير الشام { أبو عبيدة } استخلفه أمير المؤمنين على الشام، ولم يمضِ عليه في الإمارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه منيبا، وكان عمر بن الخطاب يقول: { لو اسْتَخْلفْت معاذ بن جبل فسألني ربي: لماذا استخلفته ؟.
لقلت: سمعت نبيك يقول: إن العلماء إذا حضروا ربهم عزَّ وجل كان معاذ بين أيديهم }.
وهذا رأيه على خلافة المسلمين جميعا.
طاعون عمواس أصيب معاذ -رضي الله عنه- بالطاعون، فلما حضرته الوفاة قال: { مرحبا بالموت مرحبا، زائر بعد غياب وحبيب وفد على شوق }.
ثم جعل ينظر الى السماء ويقول: { اللهم إني كنتُ أخافك، لكنني اليوم أرجوك، اللهم انك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لغرس الأشجار، وجري الأنهار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء عند حلق الذكر، اللهم فتقبل نفسي بخير ما تتقبل به نفسا مؤمنة }.
ثم فاضت روحه بعيدا عن الأهل داعيا الى الله مهاجرا في سبيله.
وكانت وفاته في السنة السابعة عشرة من الهجرة النبوية في طاعون عمواس وعمره ثلاث وثلاثون سنة.